موقع مدرس الاعدادى بتمى الامديد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بحثطعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النزول والتفسير بدعوى مخالفة القرآن؛ دراسة نقدية

اذهب الى الأسفل

بحثطعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النزول والتفسير بدعوى مخالفة القرآن؛ دراسة نقدية  Empty بحثطعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النزول والتفسير بدعوى مخالفة القرآن؛ دراسة نقدية

مُساهمة  Admin الإثنين نوفمبر 29, 2010 1:26 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الأحبة في ملتقى أهل الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد وعدكم في مشاركتي السابقة في منتدى الدراسات الحديثية أن أطلعكم على ملخص لرسالة الدكتوراة التي تناقش بعض طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين.
وأجدد دعوتي لأهل العلم وطلبته المهتمين بالدفاع عن السنة النبوية أن يشاركوا في نقد هذه الطعون بعد أن وضعت بين أيديهم جدولاً للأحاديث المطعون بها بدعوى مخالفة القرآن.
وبين أيديكم اليوم ملخصاً للرسالة التي عالجت بعض هذه الطعون، ولعل الله تعالى ييسر نشرها كاملة.

طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النزول والتفسير بدعوى مخالفة القرآن دراسة نقدية


إعداد
علي صالح علي مصطفى

المشرف
الأستاذ الدكتور محمد عيد الصاحب


قدمت هذه الأطروحة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الدكتوراه في
الحديث


كلية الدراسات العليا
الجامعة الأردنية



أيار ، 2010

ملخص
تهدف هذه الدراسة إلى تقويم طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين بدعوى مخالفة القرآن، وذلك بإخضاع نتائج دراساتهم لقواعد البحث العلمي وأصول النقد الحديثي؛ ليتبين مدى صحة دعواهم أن أكثر أحاديث الصحيحين تتعارض مع آيات القرآن تعارضا يوجب الحكم بأنها موضوعة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وأن علماء المسلمين غفلوا عن ذلك لما تلقوا أحاديثهما بالقبول أكثر من عشرة قرون.
وبعد دراسة طعونهم في أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النزول والتفسير النبوي للقرآن - تبين أن دعوى تناقض أحاديث الصحيحين مع القرآن لا تصح، وأن الطاعنين أخطؤوا في ادعاء التناقض بين القرآن وأحاديث الصحيحين؛ وأنهم عجزوا عن الفهم الصحيح للآيات أو الأحاديث التي طعنوا بها، أو أنهم لم يفهموا الآيات والأحاديث معا؛ نتيجة مخالفتهم قواعد البحث العلمي في دراساتهم، وعدم تأهل أكثرهم للبحث في علوم الحديث، وقلة معرفتهم بأبجديات نقد المتن؛ فوقعوا في التناقض ومخالفة القرآن والسنة والإجماع واللغة والعقل.

مقـدمـة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.
أما بعد؛ فإن أصدق الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
وبعد، فإن من المستقر في أذهان المسلمين عامة وطلبة العلوم الشرعية خاصة أن صحيحي البخاري ومسلم أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل، وقد تتابع علماء الحديث على تأكيد هذه الحقيقة جيلاً بعد جيل، وعظمت عنايتهم بهما حفظاً وشرحاً واختصاراً... ولم يأل المحدثون جهدا في استخراج النكت الدالة على تفوق هذين الإمامين وبراعتهما في تأليف الصحيحين؛ مما جعلهما يتبوآن المنـزلة الرفيعة في نقد الحديث وفقهه.
إلا أن هذا لم يمنع المحدّثين من دراسة أحاديث الصحيحين ورجالهما، والبحث في علل الروايات فيهما – إن وجدت - غيرةً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأسياً بهما في خدمة السنة، وكان من نتائج نقد الصحيحين ثبوت دقة الشيخين ووافر علمهما في اختيار الأحاديث الصحيحية في كتابيهما؛ لذلك عبّر المحدّثون عن الأحاديث التي اختلفت أنظار المحدّثين في صحتها مما أخرجه الشيخان بقولهم "أحرف يسيرة"، وهذه شهادة لا يستحقها إلا العباقرة الذين بلغوا الكمال البشري؛ إذ لا ينتظر من البشر مهما أوتوا من العلم والعبقرية أن تنعدم عندهم نسبة الخطأ.
وفي بداية العصر الحديث ظهرت اتجاهات فكرية تقلل من شأن السنة النبوية ودورها في التشريع الإسلامي، وقد تباينت مواقفهم من السنة؛ فالقرآنيون ينكرون حجيتها جملة، والعقلانيون والشيعة يردون أكثرها ولا يقبلون منها إلا ما وافق مذهبهم على تفاوت بينهم.
وقد بدأت موجة التشكيك المعاصرة بالقدح في حجية السنة وعدالة رواتها، وترديد الشبه التي توحي بعدم الثقة بعلم الإسناد الذي امتازت به الأمة المسلمة عن باقي الأمم؛ مثل: زعم تأخر تدوين الحديث، وكثرة الوضع، وغفلة نقاد الحديث عن نقد المتن، وتصحيح متون تعارض القرآن والعقل والحس والعلم، إلخ...، وكانت دراسات المستشرقين مصدرا خصبا يستقي منه هؤلاء، إضافة إلى الشبه التي أثارتها الفرق المخالفة لأهل السنة على مر التاريخ كالشيعة والمعتزلة وغيرهم.
وعندما نظرت في جهود المحدّثين الذين عاصروا نشوء موجة التشكيك هذه مثل الشيخ المعلّمي، والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، والشيخ أبي شهبة، والدكتور السباعي وغيرهم – وجدت لهم جهودا مشكورة في الذب عن السنة بشكل عام والصحيحين بشكل خاص؛ حيث فندوا شبهات أمثال أبي رية وأحمد أمين وغيرهما.
مشكلة الدراسة
وبعد ما يقرب من قرن من الزمان وجدت أعداء السنة يتكاثرون وشبهاتهم تزداد وتتوسع، حتى اجترؤوا على الطعن الصريح في الشيخين، وتكذيب كثير من أحاديث كتابيهما، والسخرية منها وممن يصححها وعلى رأسهم الشيخان؛ بحجة أن فيها ما يخالف القرآن أو العقل أو العلم الحديث أو الحس والواقع المشاهد أو التاريخ، وادعوا زوراً أن في الصحيحين أحاديث تسيء إلى الله عز وجل، وإلى رسله عليهم الصلاة والسلام، وغير ذلك من المتناقضات والأباطيل؛ فزعموا باطلاً أنه لا يجوز إطلاق لفظ الصحيحين عليهما، ولا وصف الشيخين بالإمامة في الدين لضحالة علمهما في نقد المتن وترويجهما المكذوبات في صحيحيهما.
وقد وجدت أن هؤلاء الطاعنين يهدفون إلى إثبات عدم جواز الاعتداد بالسنة النبوية مصدرا ثانيا للتشريع الإسلامي خدمة لاتجاهاتهم الفكرية المختلفة، فإذا استطاعوا إسقاط أهم مصدرين من مصادر السنة وأصحها فقد مهدوا لإسقاط كتب السنة الأخرى، وبهذه النتيجة يتوصلون إلى إلغاء الاعتداد بالسنة النبوية في التشريع، وجعل الرأي والمذهب والجذور الفكرية المستوردة بديلا مقبولا لأحاديث - النبي صلى الله عليه وسلم - في تأسيس تشريع جديد لا يتعارض مع عقولهم واستحساناتهم.
ولم أقف على جهد مواز يتناول هذه الطعون بالنقد والتقويم بمستوى جهود من تصدى للهجمة الجديدة في بدايتها، خاصة أن حجم الأحاديث المطعون بها في الصحيحين كبير نسبيا، وكثيرا ما يردد الطاعنون أنهم يوردون أمثلة فقط وليس كل ما في جعبتهم؛ مما يشعر القارئ بأن هذه هي البداية التي تنتهي بإسقاط الصحيحين للوصول إلى إسقاط السنة بأسرها مما يؤدي إلى تفريغ الإسلام من محتواه.
لذلك كله كان من الواجب على المختصين بعلوم الحديث أن يكونوا خير خلف لخير سلف؛ بإكمال ما بدؤوه من جهد في نقد الشبهات ذبا عن السنة ووفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أردت من هذه الدراسة أن تكون حلقة أخرى من حلقات النقد الحديثي المعاصر تبني على جهود السابقين لإقامة صرح علمي جديد يسد ثغرة خطيرة في جدار الذب عن السنة.
ولما كان الموضوع أكبر من أن تتناوله دراسة واحدة لتعدد جوانبه واتساع مجالاته؛ قررت أن أطرق جانبا واحدا أتناوله بالدرس والتحليل والنقد والتقويم؛ كي يتسنى للدراسة أن تكون أدق وأعمق وأكثر إفادة.
وقد وقع اختياري على دراسة ظاهرة الطعن في أحاديث الصحيحين بدعوى مخالفة القرآن؛ لأن هذه الدعوى أحد أهم الأسس التي اعتمد عليها الطاعنون جميعا على اختلاف مشاربهم الفكرية، وقد بلغ عدد الأحاديث التي طعنوا بها لهذا السبب أكثر من (800) حديث، وعارضوا كل حديث منها بالقرآن من عدة وجوه.
وهذا العدد الكبير من الطعون لا يمكن نقدها وتقويمها في رسالة واحدة؛ لأن التعليمات الضابطة للرسائل العلمية تقيّد البحث بوقت محدد وصفحات محددة؛ لذلك تم اختيار دراسة نماذج من هذه الطعون، وقد اخترت أن تكون هذه الطعون خاصة بأحاديث أسباب النزول والتفسير النبوي، واخترت عنوانا يعبر عن حقيقة هذه الدراسة هو:
طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النزول والتفسير بدعوى مخالفة القرآن: دراسة نقدية
محددات الدراسة
بالنظر في العنوان يمكن استخلاص محددات الدراسة وضوابطها، وأضيف إليها ضوابط أخرى تقتضيها قواعد البحث العلمي، وهي:
(1) أقصد بالمعاصرين أولئك الباحثين الذين ألفوا في نقد الصحيحين في العصر الحديث الممتد من بداية القرن الرابع عشر الهجري الذي يوافق القرن العشرين الميلادي تقريباً. ولم تشمل الدراسة طعونات غير المسلمين، أو تلك التي صدرت بغير اللغة العربية.
(2) سيلاحظ القارئ عدم ذكر كثير من المعاصرين أصحاب القراءة الحداثية للكتاب والسنة والتراث الإسلامي، أمثال محمد أركون، ومحمد عابد الجابري، ونصر حامد أبي زيد، ومحمد شحرور، وجمال البنا، وغيرهم؛ لأنهم اشتغلوا بتحريف معاني القرآن ونقض أصول العلوم الشرعية، وجهدوا في هدم أصول الحديث؛ لإسقاط الثقة بالسنة جملة. أما الطعن التفصيلي في أحاديث الصحيحين فليس لهم فيه جهد يذكر، وكأنهم تركوا هذه المهمة لأتباعهم الأقل منهم شهرة. وإذا كان لبعضهم جهد في الكلام على الاحاديث تفصيلا – مثل خليل عبد الكريم – فلا ارتباط لكلامهم بموضوع الرسالة.
(2) اهتمت الدراسة بتقديم الجديد وعدم تكرار الجهود النقدية السابقة؛ لذلك فقد اختصت بجانب النقد التطبيقي لأحاديث الصحيحين ومناقشة الطعون الموجهة للأحاديث، ولم تتعرض للطعون في علم أصول الحديث وحجية السنة وعلاقتها بالقرآن؛ لأن هذه المباحث كانت مدار الدراسة والتقويم في المرحلة النقدية الأولى، ولا تزال تصدر الدراسات بشأنها، وسوف أشير إلى بعضها عند الكلام على الدراسات السابقة.
(3) لم أتناول طعون المعاصرين في حجية السنة وعلاقتها بالقرآن إلا بالقدر الذي يخدم مناقشة الطعون في الأحاديث المختارة؛ لذلك سيجد القارئ هذه المباحث منثورة هنا وهناك، وقد حرصت على الإشارة إلى أهمها في الخاتمة.
(4) لا يستطيع الباحث في هذه الرسالة أن يتناول جميع أحاديث الصحيحين التي انتقدت بدعوى مخالفة القرآن؛ لأن عددها قريب من (800) حديث؛ لذلك اخترت أكثر هذه الأحاديث تعلقا بالقرآن، وهي أحاديث أسباب النزول والتفسير النبوي للقرآن، وعددها قريب من خمسين حديثا، وقد اقتصرت على أحاديث التفسير المرفوعات دون الموقوفات؛ لأن تفسير الصحابي اجتهاد في الغالب، فوقوعه في مخالفة القرآن خطأ في الاجتهاد لا أثر له في الحكم على صحة نسبة التفسير له ولا على صحة أحاديث الصحيحين، وقد وقع الطاعنون في الخطأ عندما خالفوا هذا الأصل.
(5) حاولت أن أكون موضوعيا في البحث؛ فابتعدت عن التكلف في فهم الآية والحديث والجمع بينهما، ومع معرفتي علو كعب الإمامين البخاري ومسلم في النقد إلا أني لم أفترض صواب رأيهما وخطأ رأي الطاعن ابتداءً، وإنما دخلت البحث بدون مقررات سابقة، وحاولت أن أجعل الاستدلال والبحث هو الذي يقود إلى النتيجة لا العكس؛ لأني أعلم أن الصحيحين أصح كتابين بعد كتاب الله تعالى، وليس أصح كتابين مع كتاب الله تعالى، وهذا يعني أن وقوع الخطأ في عمل البشر ممكن، والصحيحان جهد بشري معرض للخطأ والصواب، وتلقي الأمة لهما بالقبول لا يعني عصمتهما عن الخطأ. وقد درج العلماء على هذا المنهج؛ فتناولوا الصحيحين بالدرس والتقويم، فتبين لهم أن أكثر أحاديث الصحيحين صحيحة خلا "أحرف يسيرة"، بعضها اختلفت في الأنظار، وبعضها لم يخفَ على الإمامين علله.
(6) حرصت على عدم رد الرأي بالرأي، وإنما اجتهدت في محاكمة الرأي إلى قواعد العلم والضوابط المنهجية للبحث - رغبة في إقناع القارئ وعدم تركه حائرا بين الآراء المتعارضة خشية على هيبة السنة ومكانة الصحيحين في النفوس والعقول.
(7) أما بخصوص الأحاديث الواردة في الرسالة ولم يخرّجها الشيخان أو أحدهما، فإن ذكرت حكم بعض العلماء عليها دون تعقيب فهذا يدل على موافقتي لهم وإلا بيّنت.
أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية:
(1) ما مدى وفاء الطاعنين بشروط البحث العلمي في دراساتهم ؟ وهل تتسم دراساتهم بالعلمية والموضوعية أم لا ؟
(2) هل محاولات المحدثين فهم بعض الأحاديث المطعون بها سخيفة وركيكة وبعيدة عن العقل والعلم والمنطق كما زعم الطاعنون ؟
(3) ما مدى قدرة الطاعنين على فهم النص القرآني والحديثي فهما صحيحا يؤهلهم لممارسة عملية نقد المتن، فضلا عن مدى استيعابهم أصول نقد المتن وأدواته ؟
(4) هل طعون المعاصرين من إنتاجهم الفكري أم أنهم تلقفوها من مصادر أخرى قديمة أو حديثة ؟
(5) ما مدى وجاهة النقد الموجه لكل حديث من الأحاديث المطعون بها على وجه التفصيل ؟ وما الفهم الصواب الذي يقدم للمسلمين اليوم مراعيا فهم الحديث على ضوء فهم أصول الإسلام وقواعده الكلية ؟
الدراسات السابقة ونقدها
من الدراسات السابقة المتصلة بموضوع هذه الرسالة ما كتبه المحدّثون في النصف الأول من القرن الماضي عندما كانت موجة الطعن في أولها، ومن أهم هذه الكتابات:
(1) الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة، تأليف الشيخ المحدّث عبد الرحمن بن يحيى المعلّمي اليماني.
(2) ظلمات أبي رية أمام أضواء السنة المحمدية، تأليف الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة.
(3) دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتّاب المعاصرين، تأليف الأستاذ الدكتور محمد محمد أبي شهبة.
(4) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، تأليف الدكتور الشيخ مصطفى السباعي.
لكن السمة العامة لهذه الدراسات الدفاع عن السنة بشكل عام ومناقشة الطاعنين بها فيما يتعلق بجوانب علوم الحديث المختلفة، وكان حظ أحاديث الصحيحين من الدرس والمناقشة قليلا لكنه متناسب مع حجم النقد في ذلك العصر، بحيث تحتوي كل دراسة على دراسة عدد قليل منها لا يزيد على أصابع اليدين، وجل هذه الأحاديث من التي كثر الكلام حولها قديما وحديثا، وليس الكلام فيها خاصا بمعارضة السنة بالقرآن.
ثم ظهرت بعد ذلك طائفة أخرى من الدراسات، من أهمها:
(1) موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية، تأليف الباحث الأمين الصادق الأمين.
(2) موقف المدرسة العقلية الحديثة من الحديث النبوي الشريف، تأليف الباحث شفيق بن عبد الله شقير.
(3) السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام: مناقشتها والرد عليها، تأليف عماد السيد الشربيني.
(4) عرض الحديث على القرآن، بحث للأستاذ الدكتور ياسر الشمالي.
وما قيل في الطائفة الأولى من الدراسات يقال في هذه إلا أن اهتمام الباحثين بالنقد التطبيقي زاد قليلا خاصة في كتاب الشربيني، ولم يكن حظ معارضة السنة بالقرآن إلا القليل. أما بحث الدكتور ياسر الشمالي فقد تناول ظاهرة نقد الحديث على ضوء القرآن بالدرس والتقويم من ناحية أصولية وتطبيقية، ويصلح بحث الدكتور أن يكون تأصيلا نظريا لموضوع الرسالة؛ فأغنى عن أن أفرده بمبحث مسقل في هذه الدراسة، وسوف أستفيد منه في مناقشة شبهات الطاعنين في تضاعيف الرسالة إن شاء الله.
ميزات هذه الدراسة
وأهم ما يميّز هذه الدراسة الآتي:
(1) استيعاب الجهود النقدية السابقة والبناء عليها وتطويرها بما يتناسب وتطور موجة الطعن المعاصر.
(2) الاهتمام بتقويم طرائق النقد عند الطاعنين المعاصرين الذين ظهروا بعد المرحلة الأولى وتقويم دراساتهم على ضوء البحث العلمي الموضوعي.
(3) جمع أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النزول والتفسير التي طعن بها المعاصرون بدعوى مخالفة القرآن، ومناقشة هذه الطعون وبيان قيمتها الحقيقية في ميزان النقد العلمي.
(4) إبراز جهود العلماء السابقين في ضبط فهم النص الحديثي ونقده على ضوء القرآن، وبيان قيمتها العلمية، والمقارنة بينها وبين محاولات المعاصرين النقدية.
منهجية البحث
تقوم هذه الدراسة على إعمال ثلاثة مناهج بحثية( )، هي:
(1) المنهج الوصفي: الذي يقوم على استقراء الدراسات المعاصرة التي طعن مؤلفوها في أحاديث الصحيحين بدعوى مخالفة القرآن، وعرضها بشكل مرجعي موضوعي يعتمد إبراز ما يتعلق بالطعون الموجّهه لأحاديث الصحيحين بسبب تعارضها مع القرآن.
(2) المنهج التوثيقي: وذلك باستخراج الأحاديث موضع الدراسة والطعون الموجّهه لها، وتصنيفها في مجموعات تشتمل كل مجموعة منها على الأحاديث التي تتقارب وجوه النقد الموجه لها تجنبا للتكرار وتعميقا للفائدة وجعلها أكثر إقناعا.
(3) المنهج التحليلي: وذلك بتفسير النصوص الطاعنة في الأحاديث وتفكيك عباراتها لإدراك حقيقة الطعن وسببه والأساس النظري الذي يقوم عليه، ثم تقويم هذه الطعون بمحاكمتها إلى قواعد العلم لبيان الغث والسمين منها، ثم استنباط المناهج البحثية التي خدمت دراسات الطاعنين ونقدها على ضوء قواعد البحث العلمي وشروطه.
صعوبات البحث
للبحث العلمي صعوبات لا يعرفها إلا من خاض غمار البحث وذاق مرارته وحلاوته، وقد واجهت عدة صعوبات؛ منها صعوبات تواجه أي باحث في أي حقل من حقول المعرفة، ومنها صعوبات تتعلق بطبيعة هذا البحث تحديدا، وقد من الله عز وجل علي بتجاوزها، ومن أبرز هذه الصعوبات:
(1) تنوع المصادر التي تحتاجها عملية نقد المتن، فقد احتجت إلى مراجعة عشرات المصادر المتعلقة بعلوم أخرى غير علوم الحديث، كاللغة والعقائد والفرق والفقه وأصوله والتفسير وعلوم القرآن، إلخ...، ويقتضي هذا مضاعفة الجهد في أبحاث تتعلق بعلوم بعيدة عن اختصاص الباحث، فيحتاج إلى وقت أطول وصبر أكثر على تعرف المصادر وفرزها والخوض في قضاياها التفصيلية للخروج بنتائج تخدم البحث.
(2) صعوبة الوقوف على تراجم المعاصرين، وقد جهدت في البحث عنها في المصادر المطبوعة وشبكة المعلومات الدولية، وراسلت بعض دور النشر التي نشرت كتبهم، ومع ذلك لم أحصل على تراجم تفصيلية لأكثر الطاعنين، ولم أقف على تراجم ولو كانت موجزة لعدد منهم، وهم: زكريا أوزون، وابن قرناس، ونضال عبد القادر الصالح، ونيازي عز الدين، وصالح أبو بكر، وسامر إسلامبولي، ومحمد صادق النجمي، ومرتضى العسكري. وقد عرّفت بهم من خلال المعلومات القليلة التي توفرت عنهم في مؤلفاتهم وفي منتديات الحوار في شبكة المعلومات الدولية.
(3) أكثر الطاعنين هم من غير المختصّين في علم الحديث أو أي فرع من فروع العلم الشرعي؛ لذلك فهم يجهلون كثيرا من أصول النقد الحديثي، وينكرون جهود العلماء وقواعد البحث عندهم في فهم النص ونقده، ويلجؤون إلى بث الشبهات التي تعرض لهم ضاربين بعرض الحائط ضوابط فهم النصوص ونقدها؛ مما يجعل الباحث يحاول إقناع الطاعن بأصول البحث الشرعي أولا، ثم يناقشه في الشبهة التي عرضها ثانيا، ولو كان الطاعن ممن يعرفون قواعد النقد لما احتيج إلى هذا الجهد التأصيلي كله.
(4) كثرة التكرار والحشو والتناقض في مؤلفات الطاعنين، وعدم اتباع كثير منهم منهجية واضحة في التأليف وتقسيم البحث وترتيبه؛ مما يوقع القارئ في الملل، ويضطره إلى مضاعفة الجهد الذهني لجمع شتات كلامهم وفهمه ونقده.
(5) عدم توفر عدد من كتب الطاعنين بسبب ارتفاع أثمانها أو منع تداولها من قبل الجهات الرسمية، فلجأت إلى تصوير هذه الكتب أو الحصول عليها بشكل ملف إلكتروني مصور ببرمجية (أكروبات ريدر) التي تتيح للقارئ الاطلاع على صورة الكتاب المطبوع كما هو.
(6) هناك عدد لا بأس به من الشبهات لا سلف للطاعنين فيها أو يوجد لهم فيها سلف لكن العلماء لم يتناولوها بالنقد؛ مما أفقد الباحث مفاتيح الرد على الشبهة واضطره إلى مضاعفة الجهد الذاتي لتفكيك الشبهة ونقدها.
(7) تعدد وجوه الطعن وموضوعاته وتداخلها في الحديث الواحد وتكراره في كثير من الأحاديث، مما جعلني أتردد في وضع بعض الأحاديث في مبحث دون آخر، مثل التداخل بين السياق والتغاير في التعبير، فجعلت الحديث في ألصق المواضع به حسب اجتهادي، وناقشت سبب الطعن في أكثر المواضع مناسبة، ثم أحيل إلى هذا الموضع عند تكرار الطعن، وقد أعيده ملخصا حسب الحاجة.
خطة البحث
بناء على المعلومات التي تجمعت لدي تم تقسيم البحث إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة، وفهرس للمراجع، وملخص باللغة الإنجليزية:
المقدمة: فيها التعريف بالدراسة، ومشكلتها، ومحدداتها، وأهدافها، والدراسات السابقة ونقدها، وميزات الدراسة، ومنهجية البحث، وصعوباته، وخطة البحث.
التمهيد: فيه التعريف بأهم الطاعنين واتجاهاتهم الفكرية بإيجاز.
الفصل الأول: طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بأسباب النـزول بدعوى مخالفة القرآن: دراسة نقدية. وفيه ثلاثة مباحث.
المبحث الأول: نقد الطعون الخاصة بأسباب النـزول بدعوى الاستدراك على الله تعالى.
المبحث الثاني: نقد الطعون الخاصة بأسباب النـزول بدعوى مخالفتها سياق الآيات.
المبحث الثالث: نقد الطعون الخاصة بأسباب النـزول بدعوى مخالفتها أسلوب التعبير في الآيات.
الفصل الثاني: طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بالتفسير النبوي لبعض الآيات بدعوى مخالفة القرآن في موضوعها: دراسة نقدية. وفيه ثلاثة مباحث.
المبحث الأول: نقد الطعون الخاصة بأحاديث التفسير النبوي للقرآن بدعوى إساءتها للأنبياء.
المبحث الثاني: نقد الطعون الخاصة بأحاديث التفسير النبوي للقرآن بدعوى أنها إسرائيليات أو تفسر آيات متشابهة أو لا أصل لها في القرآن.
المبحث الثالث: نقد الطعون الخاصة بأحاديث التفسير النبوي للقرآن بدعوى عدم التطابق في الموضوع.
الفصل الثالث: طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين الخاصة بالتفسير النبوي لبعض الآيات بدعوى مخالفة القرآن في دلالتها: دراسة نقدية. وفيه أربعة مباحث.
المبحث الأول: نقد الطعون الخاصة بالتفسير النبوي للقرآن بدعوى التعارض مع الدلالة الصريحة للآيات.
المبحث الثاني: نقد الطعون الخاصة بالتفسير النبوي للقرآن بدعوى مخالفة سياق الآيات.
المبحث الثالث: نقد الطعون الخاصة بالتفسير النبوي للقرآن بدعوى التغاير في التعبير.
المبحث الرابع: نقد الطعون الخاصة بالتفسير النبوي للقرآن بدعوى تعارض الحقيقة والمجاز.
الخاتمة: فيها أهم النتائج والتوصيات.
فهرس المراجع.
الملخص باللغة الإنجليزية.
وبعد، فإني لم أدخر جهدا ممكنا في سبيل إخراج هذا البحث بأكمل صورة، فما أصبت فيه فهو توفيق من الله تعالى، وما أخطأت فيه فبسبب تقصيري، والنقص من سمات البشر، وأسأل الله تعالى أن يتجاوز عني ويعاملني بما هو أهله لا بما أنا أهله، وأطلب ممن يطلع على هذا البحث أن يستغفر لكاتبه، ويصلح خطأه، والحمد لله رب العالمين.
الباحث
علي صالح علي مصطفى
ربيع الأول 1431هـ


خاتمـة

أولا: أبرز النتائج
(1) توزعت اتجاهات الطاعنين المعاصرين في أحاديث الصحيحين بدعوى مخالفة القرآن إلى ثلاثة اتجاهات هي: العقلانيون، والقرآنيون، والشيعة الإمامية الاثنا عشرية، وعلى الرغم من اختلاف هذه المناهج وتناقضها إلا أن أصحابها يشتركون في طريقة طعنهم بالصحيحين، وأسلوب ادعاء التناقض بين القرآن والسنة.
(2) يخالف المسلك العام الذي اتبعه الطاعنون في رد أحاديث الصحيحين المنهج العلمي في البحث والفهم والاستدلال؛ فهم يعتمدون في ادعاء التعارض بين القرآن والحديث ورده على عدة أمور، أهمها:
الأمر الأول: توجيه الطعن إلى الرواية المجملة المختصرة وإهمال الاطلاع على الروايات الأخرى التي توضح المقصود بالحديث.
الأمر الثاني: رفض الجمع بين نصوص القرآن والسنة عند تعارض المجمل والمفسر أو العام والخاص أو المطلق والمقيد أو الظاهر والمؤول أو المنطوق والمفهوم، والحكم على الحديث بالوضع إذا خالف ظاهر القرآن.
الأمر الثالث: عدم التفريق بين الحديث الموضوع والحديث المشكل؛ فهم يحكمون على الحديث بالوضع لمجرد أنهم فهموا منه معنى يتعارض مع ظاهر القرآن.
الأمر الرابع: رد الحديث بالرأي المجرد؛ فإذا كانت الآية تحتمل معنيين فإن الطاعن يذهب إلى المعنى المخالف للحديث دون أن يدعم رأيه بدليل.
(3) لا يُعرف أكثر الطاعنين بالتخصص في نقد الحديث، وعلى الرغم من أن بعضهم مختص بالعلم الشرعي إلا أن بضاعته في علم نقد الحديث مزجاة؛ فوقعوا في أخطاء علمية ومنهجية في النقد على تفاوت بينهم.
(4) من أهم مصادر الطاعنين المعاصرين في أحاديث الصحيحين ما نقله العلماء السابقون في كتبهم عن نظار الفرق العقائدية والمذاهب الفقهية المختلفة، وليس للطاعنين المعاصرين سوى النقل بلا عزو، وقد اتكأ كثير منهم على ما كتبه الشيخ محمد رشيد رضا وغيره من أصحاب النزعة العقلية في النقد، وقد بلغت هذه الطعون المنقولة قريبا من النصف.
(5) أكثر الطعون المنقولة عن السابقين تتعلق بأحاديث التفسير النبوي، أما أكثر الطعون المتعلقة بأسباب النزول فهي مبتكرة.
(6) وجدت نقاد الحديث قد تنبهوا إلى ما ظاهره التعارض بين القرآن والحديث، وقد ناقشوا هذه الظاهرة في شرح الحديث، وعملوا على علاجها في ضوء علم الدلالات، وقد وجدت لهم توجيهات تدل على عمق الفهم ودقة التأصيل، وسلامة المنهج النقدي. وهذه النتيجة تدل على عدم صحة اتهام النقاد بالغفلة عن نقد المتن، وعدم القدرة على توجيه النصوص المشكلة وتقديم فهم يتوافق مع العقل الرجيح والنقل الصحيح.
(7) أكثر الطاعنون من ادعاء التعارض بين القرآن والحديث بادي الرأي من غير إمعان الفكر أو مراجعة كلام العلماء؛ فوقعوا في مخالفة القرآن الذي يدعون الدفاع عنه، ومخالفة اللغة التي رأوا أنها تحل محل السنة في تفسير القرآن، ومخالفة العقل الصريح الذي يدعون مراعاته والانتساب إليه، ومخالفة ما اتفق عليه العلماء سلفا وخلفا.
(Cool وجدت أن أكثر الطاعنين غير مؤهلين للنظر في فهم النص أو نقده؛ وهم لا يملكون أدوات الاجتهاد التي تؤهلهم لفهم كلام العلماء فضلا عن نقده والتعقيب عليه، ومن مظاهر فقرهم العلمي الضعف الشديد في اللغة؛ مما جعلهم يسيؤون فهم النصوص الشرعية ونصوص العلماء، ومن المظاهر الخلط بين مستويات الدلالة المختلفة: فهم لا يفرقون بين النص والظاهر، والمحكم والمؤول، والقطعي والظني، والمنطوق والمفهوم، ولا يستطيعون التعامل مع هذه الدلالات عند تعارضها.
(9) يقع الطاعنون كثيرا في التناقض في الاستدلال؛ فما يبرمه هنا ينقضه هناك، ومن أسباب وقوعهم في التناقض التسرع في الرأي دون روية أو اطلاع، والقراءة المغرضة للنصوص الشرعية؛ فهم يفترضون التعارض بين القرآن والحديث أولا ثم يبحثون عن مسوغ لادعاء هذا التعارض، ومن أمثلة التناقض الصارخ رد الحديث بدعوى أنه لم يذكر في القرآن رغم أن الطاعن يرى حجية السنة.
(10) لم أتفق مع الطاعنين في رد أي حديث ادعوا تعارضه مع القرآن؛ لأنهم مخطئون في فهم الآية أو في فهم الحديث أو في فهم الآية والحديث معا، ما خلا أحرف يسيرة وردت في حديثين صحيحين، وكان الراجح ضعف هذين الحرفين ليس لتعارضهما مع صريح القرآن فقط، وإنما لعلة في الإسناد، وقد كان النقاد السابقون قد بينوا علة هذين الحرفين من قبل، وهما لفظة " وسأزيده على السبعين " في حديث استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لابن سلول، ونسبة الدنو إلى الله ليلة الإسراء، وهي من زيادات شريك.
ثانيا: التوصيات
إن الحاجة ماسّة إلى تقويم دراسات العصرانيين في مجال الحديث النبوي وعلومه؛ لأنني لاحظت كثرة دراسات الهدم وقلة من يتصدى لها من المحدّثين مقارنة بفروع العلوم الشرعية الأخرى، خصوصا الدراسات الطاعنة في أحاديث الصحيحين، وقد جمعت أكثر من (800) حديث طعن فيها بعض المعاصرين بدعوى مخالفة القرآن، ولم أتمكن من دراستها جميعها؛ لذلك أوصي الباحثين في السنة الغيورين عليها بمتابعة دراسة باقي الطعون ذودا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إضافة إلى تقويم طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين بدعوى مخالفة العقل أو الحس أو العلم الحديث أو مخالفة أحاديث أخرى، وهي مجالات لم أتعرض لها في هذه الرسالة.
وهناك ميدان آخر لا بد من الاهتمام به، وهو بيان العيوب المنهجية في دراسات العصرانيين الطاعنة في أحاديث الصحيحين؛ فقد لاحظت اضطراب المنهج عندهم في النماذج التي تعرضت لدراستها، ولا شك أن بيان قيمة هذه الدراسات في ميزان البحث العلمي له أثر كبير في الحكم عليها.

Admin
Admin

المساهمات : 82
تاريخ التسجيل : 28/11/2010

https://eloaoy.forumegypt.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى